يبدو انه لم يعد خيالا انني اصبحت في السادسة و العشرين و ان ربع القرن الاول من عمري قد انتهى و بدأت بالربع الثاني, كم ربعا سأعيش.... اثنين اخرين كأفضل تقدير اذا تفائلت و رتجنبت فكريا جميع الاحتمالات التي قد تؤدي الى موتي كبقية الشعب الاردني مثل السرطان و حوادث السيارات و الاختناق بالغاز او بسكتة مفاجأة فطموحي دوما ان اموت بهدوء في منزلي بدون ان اصبح قصة بعد موتي
و بالرغم من كل ذلك ما زلت احس بطفولة ساذجة و بريئة في داخلي الا انني لا انكر على نفسي الاعوام السابقة كلاها و ما تعلمته بها و استطعت ان الخصه من عام في كلمات
تعلمت ان اترك الامور تسير بكامل ارادتها بدون غضب او استعجال او امل او فقدان امل فقط اتركها لقوانين الطبيعة التي لا اعرفها كلها لكن عايشت طريقتها الغريبة و الفريدة و الاكبر مني في التوجيه و التخطيط و افتعال الصدف
تعلمت ان جزءا كبيرا من الاحلام التي نحصل عليها اتيه من دواخلنا و من ايماننا بحدوثها و ان ليس من السهل على الاطلاق العيش في الحلم الافضل فكيف الايمان به و ان حصولنا عليها يأتي في الوقت المناسب
تعلمت ان اختلاق الاعذار للاخرين ليس ضعفا بل حكمة و ادراك و اطلاق لأفق الافكار لمساحات لن تتخيل وجودها اذا فكرت بحنق و غضب و باتجاه واحد فذلك قد يحررك من الاخرين و الارتباط بهم
تعلمت ان انعتاقنا من موروثات بسيطة قد يعني عناقنا لحياة جديدة لها معالم كبيرة و واضحة و تفاصيلجذابة و حميمية
تعلمت ان الحياة تتسع للجميع و ان الارض لا تثقل باحدهم بل الضيق في دواخلنا فاترك كل كائن لشأنه تتسع دنياك لشأنك و اشفق على من يفكر فيك
تعلمت ان محبة الناس لك ليست كذبة و مع ذلك من لا يفكرون بمصلحتك طوال الوقت لا يعني خيانتهم لك فانت ببساطة تفعل مثلهم
تعلمت ان الاختيارات المختلفة و المتطرفة و الغريبة عليك لا تعني بالضرورة نهاية العالم بل تأكد انها البداية
تعلمت ان لا اكره شيئا و لا اندم على شيء
تعلمت ان افكر بالتفصيل ما اريد من الحياة و هي من السخاء ان تعطيني ما اريد
عروب صبح احدى ملامح طفولتي و احد الوجوه النادرة التي احب و التي لا ترتبط ابدا بأي خيبة امل او تعاسة و كل ما يتعلق بها سعيد و سعيد جدا الا انني وددت دوما ان اكلمها في برنامجها وقت الفرح و لم يحدث ان حصل ذلك
ما زلت اذكر برنامجها و كيف كنت انتظره دقيقة بدقيقة حتى عندما وصلت لصفوف متقدمة في الاعدادي و كنت الوحيدة في الصف و حتى في العائلة التي ما زلت اتابع برنامج للأطفال بدون ان اخجل بذلك بل كنت اشعر ان الباقين قليلي الذوق لعدم متابعته و كنت و ما زلت اشعر ان عروب هي البرنامج لا العكس و ان علاقة شخصية تربطني بها
في ذلك الوقت كنت اتابع البرنامج باهتمام و تركيز شديدين و لا افوت أي مقطع او لقطة و احفظ ما يقال حرفا حرفا بتفاصيل حوارها و" جكرها "مع ري ري الكنبة و التي كان يمثل دورها شخص اسمه اشرف على ما اذكر
كنت احفظ اغنية البرنامج و الاغاني التي كانت تذاع في رمضان بصوت عروب و ما اذكره اكثر هو مسلسل الدمى دانا
لست هنا بصدد الحديث عن وقت الفرح, نجاحه او فشله, لكن عروب من الأشخاص النادرين في حياتي الذين لم أملهم او اكرههم مع التقدم بالزمن كما هي عادتي في الملل من كل شيء, بل انني أحسست عندما اختفت ان شيئا حميميا انتزع من داخلي و كأنها الخيانة لكنها الطبيعة الخائنة دوما
اعرف ان لعروب صبح مدونة الكترونية شاهدتها مرة و لم اتابعها قط, كان ذلك العام الماضي, و لم اهتم ان اتابعها لأن عروب التي اعرفها تتحدث مع الاطفال و مع الصغيرة التي تعيش في داخلي و لا تتحدث عن قوانين استقدام الخادمات او هموم المجتمع و لأن لها وجها واحدا فقط في مخيلتي يروّح عن الاطفال بعيون براقة و ابتسامة لا تختفي و تنسيني ان هناك مجتمع
الاسبوع الماضي اخبرتني مياسي انها التقت بعروب صبح فرحت جدا جدا بسماع خبر عنها, هذا يشبه ان تقول لي ان عالم الطباشير عالم حقيقي و ان الليدي اوسكار موجودة في حيّنا و ان جون سيلفر ما زال يجوب البحار و وصل الى شاطئ العقبة
وقالت ايضا انها تغيرت و كبرت و اصبحت في الاربعين من العمر و تتصرف كشخص في الاربعين, كأنها صفعة قوية للماضي يقول له ان العمر يمر حقا حتى عندما نظن انه توقف بداخلنا و لم اهتد بعد لكيفية رفض هذه الطبيعة المقيتة بالزمن فلازمني شعور بخيبة امل و باكتئاب شديد ربما يكون السبب بنوبة الصداع النصفي التي على وشك ان تبدأ
و بكيت بكيت بحرقة و لم املك أي قوة لمقاومة دموعي حتى و انا اكتب هذه الصفحة ابكي و بشدة
طفولتي لا يجب ان تصبح في الاربعين, هذا كثير و كثير جدا
توقعت ان اكتب بعد هذه الفترة عن الاشياء التي اشغلتني مثل تغيير المطبخ و الحمام و عن الاشغال الشاقة في الصيف الماضي او عن العمل الجديد و شعور الحصول على مكتب خاص( و هذا ما سأكتبه لاحقا) لكن لم اتوقع ان اكتب عن النساء ففي اول اسبوع دوام لي اكتشف اشياء مذهلة عنا نحن النساء فما نحصل عليه هو ما نريده على الاغلب و ان كنا نقول غير ذلك و ربما هو جزء من اللاوعي لدينا يطلب ما يحدث معنا بشدة كشي نستحقه بالفعل فعلى سبيل المثال لا الحصر عندما بدأت بأول اسبوع في الدوام جلست مع اثنتين من زميلاتي احداهن مهندسة و الاخرى ممرضة و كلاهما متزوجتان و تحدثن ككل المتزوجات عن الطبخ و النفخ و المطبخ و جاريتهن في ذلك بمحاولة طبيعية للأندماج و قلت انني لا اعرف اي شيء عن الطبخ و لا حتى الاساسيات و حسب معرفتي فالطبخ هو فقط طريقة لانتاج طعام مطبوخ( شارحة حالها) قد تحصل عليه من اي مطعم بسهولة و باسعار قد تكون زهيدة و هو _و ان كان اساسيا_ غير ضروروي لاستمرار البشرية و قد يتمكن اي شخص من تعلمه مهما كان عمره او جنسه و عرقه بل و اتقانه بفترة وجيزة.. هذا ما اعرفه عن الطبخ قلت لهن انني لا اعرف اي شيء عنه ملامح الوجوه تغيرت باستهجان و فغر فاه على ما اظن و فتحت اعين و بدأت اعيد بذهني ما قلت علني اخطأت بشيء ما.... قلت: انا ما بحب الطبخ و لا بحب اتعلمه بس بحب آكل هذا ما قلته و الله على ما اقول شهيد اتاني سؤال من احداهما: كيف ستتزوجين؟ زي كل الناس حسب ما اعلم و كيف ستطبخين لزوجك يمكن انه لا يحب الاكل كثيرا او سأتعلم لاحقا لن ينتهي العالم و ان كان يحب الطبخ و ان كان ماذا سأفعل له ؟ يمكن يكسر راسك _يعني رأسي انا_ نقطة نظام ما اريد الوصول اليه ليس الطبخ او الزواج بل هو الرابط الثقافي و الفكري بين الطبخ و الزواج ... فالزواج علاقة عاطفية و اجتماعية المفروض ان تكون راقية و قائمة على مباديء سامية .. و ارجو ان لا تفهموا انني اتوقع علاقة مثالية و خيالية و حالمة بل اتوقع ان تكون ارقى من افكار كثيرة تافهة ,فنحن نستطيع ممارسة الجنس مع اي شخص و باستمتاع و بدون خسائر و نستطيع ان نستأجر خادمة لتنظيف البيت و نستطيع ان نشتري طعاما جاهزا و نستطيع العمل كرجال و نساء لنحصل على المال و نستطيع ايضا تبني اطفال او انجاب اطفالنا نحن بدون زواج لكن لن نستطيع العيش بأمن مع اي شخص.. و اقصد بالامن ان تكون بالطبع عالما و جادا تجاه التزاماتك الزوجية و العائلية لكن كل ذلك الالتزام لا يجعلك تشعر بالخوف او التهديد او النقص في حال قصرت به بل يجب ان تشعر بانسانيتك و حقك حتى ان تقصر مع شريكك الذي اخترت الحياة معه لتشعر بالطمأنينة و المودة لأن الزواج ليس صفة رسمية في النهاية بل هو مكان تلقي على عتبته كل الرسميات و تتحرر منها فأنت لست بمكان للنقد او التقويم لكن ربما التوجيه البناء او النقد اللطيف للوصول الى علاقة اشد تماسكا لا رعبا بل يجب ان تحس عند تقصيرك او عجزك ان هناك شخصا ينتظرك ليتعاطف معك و يربت على كتفك و يقول لك ان الحياة لن تنتهي هذا ما اعتقد اننا نأمل بالحصول عليه في الاصل في حيواتنا القصيرة جدا ثم نستغرب ان لاحقا ان حياتنا الزوجية ليست بالسعادة التي املنا ان تكون عليه الطبخ في النهاية ليش شيئا خارقا او استعدادا حربيا يجب ان تكون مسلحا به الا اذا كنتي عزيزتي المرأة تودين الدخول الى ساحة الوغى الزوجية و تريدين ان ( تخرسي زوجك ) قدر الامكان عن الطعن بك و بقدراتك و اذا كان الزوج قد يكسر رأس زوجته لأنها لا تتقن الطبخ او يفكر بهذه الطريقة اساسا فان المشكلة ليست الطبخ وقتها بل المبدأ ان المرأة تستحق كسر الرأس اذا كانت لا تعرف كيف تتطهو وودت وقتها ان اقول لزميلتي ان اقل مشاكلهن اذا فكر ازواجهن بهذا الاسلوب هو الطبخ ثم اتضحت الصورة انهن يقبلن زوجا يفكر بهذه الطريقة و سيحصلن عليه بشعور داخلي لدى كل مرأة ناتج ربما عن قلة التقدير للذات كنتيجة لتربية اجتماعية او موروث ثقافي لا يغيره التعليم و الشهادات البتّة يقول لها انها يجب ان تكون المراة المثالية التي لا ينقصها شيء و الجاهزة دوما لمتطبات زوجها الذي لا تعرفه حتى الان او الذي عرفته _ و لم يكن بالضرورة مثاليا بأي صفة من صفاته_ هذا الشعور يجعل نبرة صوت الفتاة عندما تتحدث عن الزوج المتعاطف و الطيب و المتفهم يبدو وكانها تتحدث مع نفسها عن قصة الغولة التي لن تأتي ابدا يعني انها لا تتحدث بثقة انها تستحق هذا الرجل الافضل في المستقبل لأنه برأيها ليس موجودا و انها جاهزة للأسوأ ليس من منطلق الوعي و الواقعية بل من حيث ان هذا هو الموجود فاقبلي به بدون حتى تفكير بالتغيير و غير ذلك ليس واردا و لذا كنت عندما اتحدث عن مواصفات الرجل الذي احلم به اظن ان الاخرين يسخرون مني لأنني حالمة او متطلبة لكن الان توضحت الصورة ..و ان كان الافضل لن يحصل فذلك نصيب لكن لماذا نبخل على انفسنا بالايمان؟ لقد شعرت وقتها بالشفقة و الحزن على زميلاتي و تأكدت من حديثهن عن ازواجهن بصورة مبطنة انهن سيقبلن قمع الرجل لهن عن طيب خاطر لأنه ربما حقه برأيهن او هكذا يفكر الرجل و كفى بذلك تعليلا.. طيب بالمشرمحي ليش الناس بتتعلم.. نشهد ازدياد كمي و اعتباطي بعدد المتعلمين و بالشهادات التي نتفنن حتى بأسماءها من بكالوريوس و ماجستير و دكتوراه لكننا ما زلنا نفكر بأسلوب الانسان الجاهل و ربما نظلمه اي الأنسان الجاهل لأنه و ان كان غير متعلم لكن بيحترم حاله و لأننا لا نعرف كيف عاش فعلا و عامل الازواج بعضهم... ربما كانوا اكثر حرية بالرفض.. اصلا ما هو الجهل؟ في النهاية انا لا احمّل كل الذنب للرجل فهو يتصرف حسب ما يتوقع منه و يستمر حسب ردة الفعل من المرأة فاذا اشارت له ان يبقى كما هو فما الذي يدفعه ليتغير اذا قبل كما هو ببساطة و في النهاية و بسبب هذه القناعة ,ان الرجل من حقة, تربي نفس النساء المقهورات رجالا يقهرون نسائهم لاحقا لأن ابنها ايضا يستحق اذا كان ابوه كذلك ... انها حقا دوامة من السخف في النهاية ما هو الشي الذي قدمته جمعيات حقوق المرأة؟ اشبه حملات التوعية لدينا بأن تحضر طفلا في السادسة و تعلمه عن اهمية الشهادة الجامعية و كيفية الحصول عليها و تحفظّه اسماء الجامعات الوطنية و العالمية ثم تنسى الاهم من ذلك كله.. ان يتعلم الحروف الابجدية و جدول الضرب.. لا يكفي ان تنشيء مركزا يمكن المرأة من التقدم بشكوى ضد الرجل_ زوجها , والدها, اخوها او اي من كان ولي امرها_ في حال تعرضها لاساءة غالبا ما تكون بالغة وقت التقدم بالشكوى و هذا يعني ان اساءات عديدة بالغة حصلت من قبل و اكثر اولئك السيدات لا يردن على الاغلب الانفصال عن الازواج المسيئين بل يردن (تأديبه) ثم تعود للسكن معه كزوبعة في فنجان !!! اما اللواتي يتعرضن لاساءة من الاقارب فغالبا ايضا ما يردن في النهاية ملجأ حتى لا تتفاقم الاساءة و هذا يعني انهن لا يملكن افكار خاصة و صورة معينة لحياة يردنها بل هو الهرب الى ملجأ لا غير لذا في الاصل يجب توعية المراة الى حقوقها النفسية اولا و من ثم الجسدية لأن المراة التي ترضى ان يساء لها نفسيا يبقى قبولها بالاساءة الجسدية مسألة وقت لا اكثر الاسبوع الماضي علمت ان الممرضة _و هي حامل و حملها قد يكون في خطر_بينهن قد ضربها زوجها لأنها رفضت الذهاب لمساعدة اهله في قطف الزيتون_ بالمناسبة زوجها جامعي و هي تحمل شهادة دبلوم_ سألت عن ردة فعلها فعلمت انها تكتمت على الموضوع و لم تحاول ان تفعل شيئا او تخبر اهلها حتى لا يتكرر الامر مثلا بل تقبلته كما هو و كانت قد اخفت عنه ايضا انها استلمت راتبها حتى لا يأخذه منها لأنها تريد التمتع به كم يوم؟ الزوج المذكور وقع عن شجرة زيتون و كسرت رجله و اخذت زوجته اجازة لتعتني به و في اليوم الذي يجب ان تذهب به لزيارة الطبيبة النسائية جاءت لزيارتهم اخت زوجها و لذا اضطرت ان تبقى في البيت لكي " تطبخ " الغداء لأخت زوجها!!!!! لا تعليق لهذا لم اعد استغرب بعد قراءة تقرير عن العنف و الضرب في الاردن ان 80% من النساء يؤيدن ضرب النساء و ان 60% منهم يؤيدن الضرب في حالة عدم جاهزية الطعام او اذا احترق!!!!
لقد طال هذا الانقطاع و لا اعرف له سببا واضحا ... كنت مشغولة و منهكة بفترة من الفترات لكن ليس هذا هو السبب الحقيقي بل اعتقد السبب هو عدم الحاجة للحديث و قلة مكنونات النفس التي تحتاج للبوح بها حتى تستقر دواخلي فلم يعد هناك اسرار اخجل منها بل يوجد اسرار لا اريد قولها بسابق الاصرار و الترصد و بخيانة واضحة و تجاهل عمد يا مدونتي العزيزة لذا اعذروني اذا كنتم تتسائلون .. هذا احتمال واحد للهجر اما الاحتمال الثاني انني قد قلت ما تمنيت قوله علنا سلفا و اصبح ما تبقى منه خاضع لمسألة الزمن بدون قصد و لم تعد مشاعر الجلوس على الحافة و ضيق الصدر و انتظار الانفجار تسيطر علي لأن هذا السؤال" من هي انا؟" لم يعد يهمني كثيرا بعد ان وصلت لفكرة ان امكانية التعايش مع هذه الانا ليس مستحيلا و ان لم اهتد للوسيلة بعد لكن العمر كله امامي للبحث مش شايفة حدا مستعجل غيري على حالي و بما انها حالي فأنا بدي اطول بالي على الاخر و بدأت بأن تسامحت معها كشخص مختلف و منفصل و هذا و ان بدا جنونا الا انه يفسر لماذا كلما بدات بكتابة شيء انتهي بشيء اخر و اتسأل كما افعل الان ما معنى هذا الذي اقوله و من اين اتى و كيف يكون مترابطا في النهاية و يشبه شخصا يملي علي كلماته لأنه ليس هذا ما اردت قوله عندما فتحت هذه الصفحة لكن ربما ذلك الشيء او الشخص الذي يتحدث يملك ما يقوله حقا اكثر مني انا و بالمناسبة عزيزي القارئ انا لست مجنونة و لا بأس ان كنت كذلك... كتفسير و اجابة على استفسار و هو يعتبر كشعار المرحلة و في الاصل لا اظن ان احدا يحب ان يقرأ مدونة تعج بالمنطق و العقل بل لا اظن ان احدا انتبه لانقطاعي و لذا ساعتبر انني سافعل ذلك من اجل نفسي لأكتب عن الاشياء الجيدة التي اظن انني اصبحتها اخيرا او اود العمل عليها شيء جديد ينمو بداخلي مثل الحب لنفسي... حب كنت اجامل نفسي به لكنه اصبح يقترب من الحقيقة... هذه النفس الغريبة التي طالما عذبتني اخيرا قلت لها خلّي عنك قليلا و عيشي بدون اعتبارات خارجية كأن تمتلك اجندة محلية مثل الحكومة و تبدأ بأن تعيش في حدود نفسك و لها و معها بدون الاهتمام برأي الاخرين لأنك في النهاية لا تعنيهم على الاطلاق
بدا الصيف و اعراسة المتشابهة و التي لا نحضرها الا بسبب الواجب.. الاغاني المكررة و تقطيع الترتة وطقوس رقص السلو التي لا يتقنها احد و حركات تلويح المحارم و ملابس المعازيم المبالغ فيها و التساريح للصغير و الكبير .. كله هذا يذكرني بالمثل... غشيم وقع بسلة تين
اول حفلة اود الحديث عنها كانت حفلة خطوبة.. العريس كان نحيفا جدا و اقل من التوسط بكثييييييييير جماليا و يشبه عرب الطوارق الى حد بعيد و يتناقض بهذا مع العروس السمينة جدا جدا.. احدهم قد سخر منها في يوم خطبتها حتما لأنها ارتدت فستانا قبيحا ازرقا واسعا من الاسفل يستر كل ما حسن منها مع مكياج يعود لحقبة الثمانينات و تسريحة تنزل على جبينها و تخبيء نصف وجهها
كل هذا التناقض و قلة التناسق و الذوق جعل شكل العروسين كاريكاتوريا جدا و مبالغ فيه
هذا كان الجزء الافضل من الحفل قبل ان تبدأ حركات الجكر بين اهل العروس و اهل العريس التي بدأت باخت العريس الكبرى التي تتطلع على كل شيء بقرف و كأنها مغصوبة على القدوم هذا لا يعني ان الوضع لا يعجبها بل يجب ان تظهر هذا من باب الواجب حتى تدمر معنويات العروس و اهلها و تشككها بنفسها و اخت العروس على الجبهة الاخرى لم تكن غشيمة بالنسوان فرقصت بجكر و شاشت حتى خلعت طوق الذهب ( المسبحة ) و بدأت تلوح به لكن الحركات تكللت في اخر ساعة عندما أحضرت اخت العريس القرفانة كرسيا و وضعته بجانب الكوشة او المصمد باللهجة الاربداوية و اجلست امها عليه و فرضتها على الجميع.. مع احترامي لجميع الامهات في العالم .. هذا يوم العروس و العريس لماذا تظن الحموات انه من الواجب ان يكن لهن بكل شيء نصيب و الا الغي موقعهن للأبد.. مع ان هذه الحركات لا تنساها الكنة و بالفعل تفكر بعدها بإلغائها الى الابد
الحفلة الثانية كانت مأساوية جدا.. ضجيج و زحمة و اناس كثر يرقصون بعشوائية و اشبه بمشفى مجانين.. النهفة الكبرى عندما اختفت العروس و بدأ العريس ينظر حوله و يسأل الرايح و اللي جاي: وينها؟
و بعد قليل سمعنا مسؤول الدي جي يقول ان العروس تريد ان تفاجأ العريس بعيد ميلادها و انوه هنا على عيد ميلادها و بدأت أتساءل أليس من المفروض ان يفاجئها هو؟
نزلت العروس تتراقص مع قالب جاتوه و قريباتها يلبسن طواقي الحفلات و بدا كل شيء غبيا
بيني و بين نفسي شعرت بالخجل لأن هذا ما اشعر به عندما اشاهد شيئا غبيا .. اتخيل نفسي بهذا الموقف و افكر بتداعياته كاملة
العريس استهجن و استغرب و اظهر بوضوح و بدون مجاملة عدم اعجابه و قلب وجهه و كشر و نظر الى الجهة الاخرى وبدأت العروس ترقص وحدها ببلاهة بعد ان تجاهلها امام الحضور بالرغم من كل محاولاتها وفتح حديثا طويلا و شيقا مع امه التي جلست ايضا بجانبه بجانبه على المصمد كنوع من حفظ ماء الوجه رقصت العروس مع اخواتها و صديقاتها و سلفتها اخيرا و العريس مشغول باهتمام باكمال الحديث مع امه و اخته و من ثم بدأوا جميعا يبكون و العروس ترقص ايضا حيث عرفت انها طنشت تماما
لم يفتني ان اعرف سبب البكاء.. اخو العريس الاكبر الذي مات قبل اعوام قليله في الغربة وحيدا.. كل مناسبة سعيدة يستذكر خلالها ما ينكدها
و في وقت لاحق جاء العريس لزيارتنا مع عروسه و التي استغربت انها منقبة؟
العرس الثالث كان لفتاة لا اعرفها شخصيا و لم يدعني احد لحضور الحفل لكنني فعلت بسبب الفضول لأن العروسين خاضا فترة خطبة جامحة و عاطفية جدا استمرت عامين تميزت بان العريس كان كريما جدا و سخيا و العروس و قبل العرس المقرر العام الماضي بأسبوعين قرر العريس ان يتركها لأن بعض اقاربه أقنعوه انها تخونه و هكذا حصل
اخبرتني ابنه اختي بالقصة العام الماضي و اخبرتها انه لا بد عائد لها و سيخطبها من جديد, قبل شهر بعثت ابنه اختي برسالة قصيرة و مقتضبة.. كيف عرفتي انه سيعود لخطبتها؟
ثم اتصلت بعد يومين لتسألني اذا كنت اصبت بالاولى فهلسأعرف ان كانت ستوافق.. اجبتها بالطبع... سألتني من جديد .. بعد كل ما عمله بها و قال عنها.. صممت انها ستوافق لأنها فتاة عادية و من غير المرجح ان تجد رجلا غنيا مثله مرة اخرى و لا حتى بلعبة اللوتو
العرس الاخير كان الاكثر سعادة و بهجة و مبالغ فيه من هذه الناحية
ام العريس تنبض شبابا و تألقا و اناقة و تبدو بالفعل اكثر جمالا من أبنائها.. السبب بالطبع هو السعادة التي تعيشها مع زوجها و التي لا تخفى على احد... لم تضطر لفرض نفسها على المصمد مثل الامين السابقتين ربما لأن ابنها يشكل لها ابن فقط و زوجها هو الزوج الحقيقي و لم تعش تعاسة تضطرها لجعل ابنها هو الامل المنشود كما يحصل مع الكثير من الامهات التعيسات.. ببساطة عاشت حياتها كلها على مصمدها الخاص
العريس غزالته سرحانه على الاخر.. قطف ورده من الباقة التي على الطاولة ووضعها على شعر العروس.. فعلا السعادة سلسة و ليست حادثة
"الحب لم يقدم لي شيئا, الحب يضربني, يغتصبني, يناديني بالحيوان, يشعرني اني دون قيمة, يجعلني امرض "
هذا هو ما تدور حوله احداث فيلم بريشس.. الحب المؤلم و المشوه و الغريب و الذي ندفع ارواحنا من اجله لكنه يرمي بنا في الهاوية.. الحب الذي يضرب و يغتصب بأقسى الاشكال و يشتم بأسوأ الالفاظ و يحطم كبريائنا و يستنزف حتى صحتناو يجعلنا نمرض و لكن بوجود الامل و كسر حواجز لا يجعل اقتراب الموت هو النهاية
تجري احداث فيلم بريشس عام 1987 في منطقة اسمها هارلم بحي غيتو للسكان السود على الاغلب حيث يعج بالعاطلين عن العمل و المدمنين و يكاد يخلو من الحياة الاجتماعية .. يتحدث عن فتاة اسمها كلريس بريشس جونز زنجية و سمينة و في السادسة عشرة من عمرها و ما زالت في المرحلة الاعدادية و تميل للعزلة التي تستغرقها بأحلام اليقظة الا انها بالرغم من ذلك نرى حبها لنفسها بإضاءات بسيطة بتفضيلها ان يناديها الناس باسمها الاوسط بريشس بمعنى ثمين و ايمانها ان الايام مختلفة و متجددة و قد تحمل معاني مختلفة
تعيش بريشس ظروفا صعبة فهي تتعرض للاعتداء الجنسي من قبل والدها منذ ان كانت في الثالثة و يتطور الامر حتى يعاشرها معاشرة كاملة في سن المراهقة فتنجب منه ابنة مصابة بمتلازمة الداون تناديها مونغو_اختصار منغولية_ لتعيش الطفلة مع جدة بريشس لوالدتها لأن والدتها_ماري_ ترفض الاحتفاظ بها
و في نفس الوقت ترفض ماري ان تنتقل بريشس للعيش مع جدتها رغم كرهها لابنتها و عدم اهتمامها بتوفير الحماية لها من والدها الذي يستمر بالاعتداء عليها و يجعلها تحمل للمرة الثانية فتظهر والدتها بشخصيتها المريضة فهي ترى بابنتها الفاجرة التي اعطتها كل شيء و من ثم خانتها بأخذ رجلها منها لتتلخص مشكلتها في تلك العلاقة بأن زوجها قد تم اغوائه و سرق منها فنراها عندما يقدم والد بريشس على جماعها تقف متفرجة لا تحرك ساكنا و تنتقم من ابنتها لاحقا بأن تصب جم غضبها عليها و تنهال عليها بالضرب طوال الوقت و تهينها و تشعرها بأنها ناكرة للجميل و نكرة و تجبرها على تناول الطعام طوال الوقت و على اداء اعمال المنزل و لا تفعل ماري شيئا طوال اليوم فلا تخرج للعمل و تكتفي بالجلوس امام التلفاز, تدخن و تأكل و تمارس العادة السرية و تجبر ابنتها احيانا على ايصالها للذروة الجنسية!!
بريشس بالرغم من كل ذلك فتاة حالمة تحلم بأن يكون لديها عشيق فاتح البشرة و حسن الشعر(حسن الشعر أي له شعر ناعم مثل البيض و للتوضيح انظر فيلم غود هير ل كريس روك
و ان تكون نجمة تظهر على غلاف المجلات و هذه ليست اشارات بسيطة او مجرد احلام فتاة مراهقة فكل حلم له اصل يبدأ من الواقع سواء بوجود الحلم او عدمه فحلم الفتاة الزنجية بأن تكون نحيفة و شقراء حينا و ان يكون عشيقها ببشرة فاتحة و حسن الشعر تلقي ضوءا على جزء مهم من حياة الامريكيين السود عموما بعدم الرضا عن الذات بربط لون البشر و حال الشعر بشعور السعادة و صعوبة الاختلاط بين الملونين و اختزال الكثير من احلام فترة المراهقة بالوصول للشهرة و الظهور على غلاف المجلات كنجمة تمشي على البساط الاحمر و يحبها الجميع و يريدون التقرب منها و تحبهم بالمقابل و تمشي بجانب شاب فاتح البشرة يرافقها _ يتضح لاحقا انه شاب في الحي يسخر من بدانتها دوما_ او تحلم اثناء مشاهدتها صورها في طفولتها مع والدتها و تحلم ان امها تعاملها بعذوبة و باهتمام
بريشس تمشي دوما خطوة للأمام بدافع الفضول الذي مد لها يد العون.. و بالرغم من انها لم تنتقل للمرحلة الثانوية و لا تحسن التهجئة و ليس لها علاقات اجتماعية في مدرستها و تتعامل بالعنف و الضرب مع كل من يضايقها و لم تتحدث في صفها قط الا انها تعلم انها ستنتبه يوما ما و ستجلس في مقدمة الصف و ستفهم و ستتحرر او سيأتي من يحررها و يحدث هذا بالفعل في حصة الرياضيات للأستاذ ويشر_ الذي تحلم بانه يحبها _عندما تطلبها مديرة المدرسة لتسألها باستنكار ان كانت حاملا للمرة الثانية و عن عائلتها التي تسمح بحمل ابنتها للمرة الثانية؟ لا تجيب بريشس بنعم او لا, فقط تتساءل ان كانت بمأزق لأن هذا ليس عادلا برأيها فهي لم ترتكب شيئا خاطئا؟؟ و أي شيء خاطئ بنظرها فهي لم تحظ بعشيق يوما على غرار المراهقات في المدارس الأمريكية!!!
هذا من ناحية و من ناحية اخرى فهي محرومة من العيش مع ابنتها و تقتصر زيارتها لها عند قدوم موظفة الرعاية الاجتماعيةبأسلوب تمثيلي و مهين للطفلة و لنظام الرعاية الاجتماعية في الولايات المتحدة ككل, فعند قدوم موظفة الرعاية الاجتماعية تأتي الجدة بالطفلة و كانها تعيش بالفعل مع ماري و بريشس لتحصل ماري على الدعم المادي و يقتصر دور الموظفة ان تسأل باقتضاب عن حالة الطفلة بدون مراجعة حقيقة ذلك بأسلوب بيروقراطي و متكرر حتى تجد ان النظام نفسه لا يهتم بمراهقة تنجب طالما انها تؤوي وليدها و ان دعم الحكومة يقتصر فقط على تقديم المال بدون غوص اكثر في التفاصيل و من ثم تمتنع عن تقديم المعونة عندما تعلم الموظفة ان بريشس تخفي شيئا عنهم بخصوص علاقتها بوالدها ويكون الرد بمنعها من اخذ مال الرعاية فقط!
تفقد بريشس نفسها الثقة بنظام الرعاية عندما يطلب منها التنازل عن طفليها للتبني فترفض رغم صعوبة الخيارات المتاحة فإما اكمال التعليم و ترك الاطفال للتبني او الاحتفاظ بهم و العمل لأعالتهم عندما تكتشف بعد سرقة ملفها من مكتب الرعاية الاجتماعية ان نظام الرعاية الاجتماعية لا يحميها و يتوقع عملها كخادمة بأجر زهيد لإعالة اطفالها الذين انجبتهم بالرغم منها و بدون أي اعتبار لخيارها الشخصي الا انه يريد منها تحمّل عبئهم بدون سؤال عن والدهم او مسؤوليته تجاههم و توابع ذلك كله لا يلاءم طموحها الشخصي
نعود لبريشس عند ذهابها للمدرسة البديلة التي ترسلها اليها مديرتها لتتعلم بها حتى تلد حيث تجتاز امتحانا لتحديد مستواها التعليمي و هذه من اجمل المقاطع في الفيلم.. يتكون الامتحان من اسئلة بسيطة جدا من مثل " اذا كانت الغيومفي السماء غامقة اللون فان الجو يكون ؟؟" و تختار بريشس الجواب بدل ماطرا سعيدا و السؤال الثاني عن تحديد شعور فتاة تحت ظرف معين الا انها تعجز عن الاجابة.. بالنعاس او الاستمتاع او الحزن و يتضح السبب لاحقا , لأن الامتحان يعكس حقيقة حياتها مع والديها و جهلها بالعواطف و مشاعرها المشوهة و صعوبة تحديد ماهيتها او معرفة مشاعر الغير و يصورها و عائلتها بأبشع الطرق فلا تعريف صحيح للحب او الحزن او الكره او غيره كما يجب الا انها بالرغم من ذلك تنظر للأعلى لأنها "سترى من سيسقط من هناك .. امها ربما"
تحلم الطفلة بالتحرر و يحصل هذا _ على الاقل التحرر الفكري من الحب الذي ألمها و من كرهها لنفسها _ عندما تقابل الآنسة راين المعلمة في المدرسة البديلة.. الآنسة راين شخص متزن و هادئ و تحب التعليم و تسعى لكل ما هو افضل لطالباتها من الفتيات الملونات اللواتي تعبث المشاكل بحياتهن.. تعلمهن القراءة و الكتابة و الكلام في الصف الذي يعتبر انجازا لبريشس و تكون لها بمثابة الضوء في نفق مظلم يشع دوما حتى لو ذهب بعيدا الا ان اثره يبقى و ينتقل بالتعدي
تذهب بريشس للمدرسة البديلة اولا بدافع المعرفة بالرغم من اعتراض امها على ذلك_ اعتراض امها يبدو لاحقا انه آني فقط و لا تفعل شيء حقيقي من اجل منعها او منع أي شيء فهي تشعر بالحنق و الكره لبريشس فتقول لها:
" تشعرين انك جميلة الان؟"اذا أي شيء يجعل حياة بريشس تبدو افضل ذكائها او فرصها بالتعليم او حتى قدرتها على الانجاب من والدها بعلاقة محرمة اجبرت عليها للمرة الثانية اكثر مما فعلت امها نفسها يجعل امها تشعر بالحنق و الكراهية اكثر و اكثر و تضعها بالمقارنة النسائية النديّة معها فهي بالنسبة لها الفتاة الصغيرة الغرة التي لا تملك أي خبرة الا انها استطاعت ان تأخذ زوجها منها كامرأة و تحملها وزر كل هذه العلاقة بالشتائم و الضرب المبرح ثم ترقص و تصفف شعرها و كأن شيئا لم يكن
كره الام لابنتها و تخليها عن المشاعر الانسانية و تركيزها على نفسها فقط و عدم خروجها من قوقعة الرجل و بحثها المحموم عنه و شعورها انه سلب منها يتجلى في ابشع صورة عندما تضع بريشس جنينها الثاني_ تسميه عبدول جمال لويس جونز_و تمضي في المشفى فترة لا تسأل امها عن غيابها بها و تغادره الى المنزل وحدها.. تطلب منها والدتها ان تحمل الطفل فتسمح لأمها بذلك.. الا ان ماري ترمي الطفل كحثالة و تبدأ بضرب ابنتها .. هنا يظهر التناقض بين كره ماري لبريشس بالرغم من طفولتها المسلوبة و تعلق بريشس بابنها الذي لا ترغب ان تكرهه فلا تكون صورة لأمها مع انه ثمرة زنا المحارم فلا تتوانى عن ضرب امها بالمثل لأول مرة فأخذه و تهرب من المنزل عازمة الا تعود في اكثر المواقف إيلاما عندما تسقط مع الطفل عن الدرج و تبدأ بالنزف طوال الطريق_ مشهد جعلني اقشعرّ_ لتلجأ الى الآنسة راين التي لا توفر جهدا للحصول على مأوى لبريشس و ابنها فتسكن مؤقتا عند صديقة معلمتها_ التي تكون شريكها الجنسي اذ ان معلمتها سحاقية_ في هذه المرحلة لم اجد داعيا يؤثر في عمق القصة لهذه الاضافة و كانها محشوة بفكرة ان المثليين ليسوا بالضرورة سيئين
تتوالى احداث الفيلم و لا تعود بريشس لبيتها ثم تاتي امها للسؤال عنها في مركز اعادة التأهيل و تخبرها ان والدها توفيبمرض الايدز.. بريشس لا تتأثر بل تخبر امها بضرورة الفحص فترفض لجهلها و ظنها ان الايدز ينتشر بالممارسة من الخلف فقط!! كيف لا و هي التي تقول دوما ان التعليم لا يمكن ان يطعم احدا و انه لا شيء ممكن تعلمه في الكتب الا ان سبب الزيارة الحقيقي هو عودة بريشس للمنزل حتى تحصل والدتها على مال الرعاية
عندما تعرف بريشس بإصابتها بمرض الايدز تدخل حالة من الحزن و تنفجر بوجه معلمتها في الصف قائلة انها لا تريد منها ان تحبها لأن الحب مؤذي و لم يكن يوما جيدا لها فوالدتها التي تقول لها دوما انها احبتها و منحتها اكثر مما تقدر تعتبرها خائنة لها بأخذ والدها منها فتضربها و تهينها و والدها يخبرها انه يحبها اكثر من والدتها و يغتصبها و يرغب بالزواج منها و يصيبها بمرض قاتل تفقد معه الامل في الاستمرار حتى من اجل ابنائها فالحب لم يقدم لها شيئا الا الالم
و اخيرا تتحرر من العار المرتبط بالاغتصاب باعترافها امام الجميع بما فعله ابوها و و تطرح خجلها و كأنه خطأها و في نفس الوقت يلقي عنها عبء احساسها بالذنب كنوع من التخلي عن الانكار و مواجهة الواقع و معرفتها ان كل ما ظنته حبا ليس كذلك فلا تنطبق عليه شروط حب الوالدين لأبنائهم مما يزيد في احساسها بالامان و الايمان بذاتها كما هي و التخلي عن حلمها بان تكون بيضاء و نحيفة حيث و بصورة رمزية في اخر الفيلم تكون جالسة بجانب فتاة سوداء صغيرة تعاملها امها بقسوة فتقرر ان تعطيها الوشاح البرتقالي الذي يظهر في حلم بريشس و تذهب لمقابلة امها ماري لآخر مرة
هذه المقابلة التي تجمع بريشس و ماري و موظفة الخدمات الاجتماعية و التي تطلب فيها امها ان تأتي للعودة و السكن معها و اطفالها و تأمل بريش بأن تتحسن الامور الا ان امها كما هي ما تزال تراها عاهرة اخذت رجلها و حصلت على كل شيء من محبة امها و ابوها لها و لم تقدم أي مقابل بل فقدت رجلها بسبب هذه الطفلة الساقطة برأيها _تقصد بريشس_ التي استسلمت بصمت و لم تقل شيئا لذا فوجودها هو الخطأ لأنها برأيها فقدت الحب و الاهتمام بسبب لعبها دور المرأة البديلة عن والدتها لذا ماري ترى نفسها الضحية و ربما برأيها تستحق مال الرعاية لأنها الضحية
هنا تواجه امها بقولها " الآن عرفتك على حقيقتك و ربما رفضت معرفتك من قبل"
بريشس تفعل ما توده دوما فتأخذ طفليها و تسير الى المجهول لكنها على الاقل عرفت اين تقف و فقدت الامل بمن عقدت عليهم املا كبيرا و لم يعد لها ايمان الا بنفسها
الفيلم يتحدث عن زنا المحارم و وقوف احد الوالدين او كلاهما بموقف الهروب احيانا او الانكار و الاقسى تحميل الطفل لعبء الدمار الذي يلحق بالمنزل جراء ذلك خاصة فيتمثل ذلك بالاثر النفسي الرجعي على الطفل الذي يتمثل برسم صورة مرعبة و مزيفة لدى الضحية عن الحب و المشاعر و فقدانه الامان من المصدر الرئيسي للأمان و هم الوالدين و الاستسلام لصورته الغريبة و القاسية مثل حب بريشس لوالديها و انكارها لأخطائهم و كرهها لنفسها و شكلها و القائها اللوم عليها وعدم مواجهة الحقيقة من قبل المسؤولين و البالغين في العائلة عن ذلك _ الام في هذه الحالة_ و تعلق الام المرضي بزوجها و جهلها بالقوانين و التعليم و اتكالها على الغير و العزلة التي تحياها فترى زوجها مدفوعا بالرغم عنه في هذه العلاقة لأن القاء اللوم على الاطفال اسهل بكثير من مواجهة المخطئ و تحميلهم المسؤولية و اتخاذ اجراءات مسئولة و واعية مثل طلب الطلاق او الاتصال بالشرطة او الهرب و ما ينطوي ذلك عليه
زنا المحارم انتج اطفالا لا يمكن تعريفهم اجتماعيا فهم اخوة بريشس و ابناءها و هي تشعر بمسؤولية مدفوعة بحب غريزي تجاههم لا تقوى على تحملها الا بجهد جهيد رغم صغر سنها و عدم توفر الحماية و المساعدة لمن هم امثالها الا ان ثقتها بنفسها و املها بمستقبل افضل لأطفالها و حلمها ان يسكنوا معها بدون ان تضطر للتخلي عنهمو مواجهتها اخيرا لحقيقة والدها الذي تسبب لها بالأذى و المرض المؤدي للموت جعلها تتحرر من عقدة الذنب و الاحساس بالخجل اولا و مواجهة امها بالتالي بمساوئها فتأخذ قرارا بأخذ طفليها كما رغبت دوما و الانتقال لتعيش معهم و منحهم الحب الذي رغبت به دوما و لم يكن بينها و بين الشيء الذي رغبته دوما هو كسر حاجز الخوف و تحديد مسار الخطأ و الصحة في الحياة و تحميل الذنب لمن يجب ان يتحمله مهما كان ذلك صعبا و يبدو مستحيلا الا انه مفتاح لخيارات اخرى تبدو في ظاهرها بعيدة المنال الا انها ممكنة تحتاج خطوة للأمام فقط