الحرية ما بين و بين

By انا مش حرة
ما هي الحرية من قال بها و من اختارها و من اثبت انها صحيحة كأسلوب حياة و عيش و تعامل وهل هي طريقة امة في النهضة و البناء و التطور و التحرر ام نتيجة حتمية لمنهج اكثر تعقيدا من اختصاره بكلمة واحدة؟؟؟
كالعادة..انهم اشخاص مثلنا اعتنقوا فكرة ما من الاساس و بعمق.. امنوا بها و جاهدوا لأجل تطبيقها عليهم اولا كأسلوب حياة وثبت لهم حسب قياسهم من منطلقهم العقلي الذين بدأوا منه انها المنتهى و الطريقة الناجحة لحياتهم ثم كانت الخلاصة والنتيجة الحتمية لمنهج اتبعوه و صفوة سنين طوال من البحث و التمحيص و من ثم التجريب و التطبيق و بذل الوسع حيث وجدوا انها صحيحة و تصلح لحل مشاكل الانسان في حياته هكذا عرف اصحاب الحرية الحرية و ليس اعتباطا او تقليدا اعمى او عنادا بكفر بل هو الايمان...رضوا بها عن قناعة و رضيت بهم فلم تظلمهم و لم يظلموها و كانت حقيقتهم المتجلية و وهمنا الضبابي و حقهم الشرعي و تهافتنا على مائدتهم كالمتسولين و لم يكتفوا بأنفسهم فقط لأنهم لو فعلوا لما كنت اكتب الان و ما كنتم تقرءون لاحقا
ان الحرية التي اتحدث عنها اليوم هي الحرية على الطريقة الغربية و لكن هذا لا يعني لهذه الكلمة ترجمة واحدة او وجه فريد بملامح قوقازية... فالاسلام من قبل قال انه جاء ليحرر الناس من الظلمات و يقودهم الى النور و من الوثنية و عبادة الاصنام الى التوحيد و فطرة الله و الشيوعية قالت انها تحرر العمال الذين هم عجلة الاقتصاد من استغلال الطبقية و البرجوازية و تحرر الفلاح من سطوة الاقطاع كذلك الرأسمالية تقول انها تحررنا من كل ما سبق و تفتح للانسان حرية العمل و التملك بلا حدود و الان من يجرؤ على القول ان الحرية التي نراها هي الحرية على الحقيقة فان المفاضلة و المقارنة هي خير دليل اما التطلع من عين شبه مفتوحة فهو العمى بحد ذاته
و اذا عدنا و فكرنا قليلا بقولنا الحرية لوجدنا انها لم تصل لنا بطريقة حرة او نزيهة و لم يترك لنا الخيار بل حصرنا بالانبهار و ما نراه في ماضينا من انهيار فأعجبنا الغرب و ظننا انه سينشلنا مما نحن فيه و ظلمنا الحرية و انفسنا معها
نعم هم لم يكتفوا بأنفسهم بل بذلوا وسعهم اولا للوصول الينا سواء عن طريق الحرب المادية او المعنوية او الاعلام او غيره ثم حاولوا اثبات صحة طريقتهم بالحجة و البرهان و النقاش الفكري الطويل احيانا و الدلائل المحسوسة و القطعية على ارض الواقع احيانا اكثر من وجهة نظرهم للواقع..... و لم ينته الامر عند صاحب الامر و السبّاق اليه بل تعداه الينا و ان كنا حديثي العهد بها فرأينا طريقة عيشهم و افكارهم وعلومهم و تقدمهم الصناعي ومدنيتهم فأعجبتنا ...ليست المشكلة انها اعجبتنا ام لا بل بيت القصيد ... كيف اعجبتنا؟؟؟ فمعظمنا سلبهم الاسم عقولهم و ارادوا الحرية كالطفل يطلب دمية شاهد اعلانها في التلفاز... شيء مثل فير اند لفلي يحقق كل طموحاتي او عطر هيوغو اختيار الرجل الانيق و الرياضي
و بعضنا الاخر اجهد نفسه قيد أنملة بالتفكير ويا ليته لم يفعل فقاس واقعنا" الذي لا يصلح للقياس اصلا" على واقعهم و اجرى حسبة نهائية في مقدار الحرية و نسى الكيفية و فكر كيف ان كل شخص حر بنفسه و نسي ان من كان له حق فعليه حق و ان كنت حرا فالآخرين احرار انت و ابوك و امك و ابنك و ابنتك
نحن لم نقس الحرية قياسا واقعيا حسب ما نريده كأمة مثل الغرب بل فكرنا به كحل شخصي كل لمسألته و هواه و شخصه و ظننا اننا اخترناها و ما هي الا جزء اخر من الصراع الانساني الطويل الذي خاضته امم و شعوب كل يريد فرض طريقته على الاخر و نحن ننكره اليوم بجهل منقطع النظير و للحديث عن هذا الصراع يوم اخر
ثم ان واقعنا الذي قيس عليه زورا و بهتانا لم يبنى على منهج بل على عبثية و قص و لزق فنحن مزيج من الدين و الرأسمالية و الديموقراطية و الشيوعية و قناة اقرأ و ميلودي هيتس وكتب المشايخ الجهلة و فتاوي التيك اواي و روايات عبير و احسان عبد القدوس و هلم جرا من كل التناقضات
واقعنا المليء بالهزائم و الفشل و الازدواجية و المحسوبية و انعدام الامان و الثقة و عمق الايمان بالفشل قبل المحاولة و بالانكسار السابق قبل السعي للنجاح و الثري بفقر للانتماءات الغريزية و البدائية بدون قناعة او تفكير و ارتباطنا العقدي بأي حزب او منهج جديد هش كأنه خيوط عنكبوت لا توقع في شراكها الا نحن و خسارة فكرية بعد اخرى
الوحدة العربية الغابرة اصبحت غبارا على طريق مجلس الامم و الجامعة العربية و اتجوع يا سمك كما ينسب الى عبد الناصر جعلنا جوعى و عطشى لا نشرب الا من ماء بحرك يا سمك و امام خميني ليس له بالائمة الا اسم اشتراه و قواعد في افغانستان تبلغ السحاب تطاولا وتقف على الارض يسندها عود كبريت اشتعل بنا و صدام الذي جعلنا نتنفس (الكيماوي) في ارجاء المعمورة اينما كنا تراه يحاكم و يشنق و يرد الامر عليه و لا ترى تل ابيب أي صاروخ عراقي يفش الغل و هلم جرا من الاحلام المبعثرة و التاريخ المزور و الخيانات المخزية
وواقعهم الحافل بالنجاح و الانتصار و الرفاهية و الثراء و الغنى _هذا كما نراه من وجهة نظرنا كمهزومين_ رأينا واقعا و لم نفكر الا ان صحة النتيجة تبرر صلاح الطريقة و هذا بالطبع ما لا يجب ان يكون لكن الصواب و الخطأ ليس موضوعي الآن ثم و مع كل هذا نحن لم نبذل جهدا في فهم الطريقة بل بهرتنا النتيجة و اصبحت خلاصة الفكر"أي الحرية" هي الفكر عندنا و اعظم الغايات و هنا اخطانا
ثم
السنا احيانا نصبح مقيدين بالحرية من حيث لا ندري !! فمثلا من الحرية ان تفكر المرأة بحرية العمل و بدل ذلك اصبحت تعمل لتثبت انها حرة و نتخلى بتهور عن القيم الاجتماعية و الاخلاقية لنثبت اننا لسنا محكومين بها و كأنها عارا ان يقال ان فلان لديه قانون عائلي او التزام اجتماعي او انضباط اخلاقي معين....و اضحت الدرب التي ننطلق منه هي خط النهاية قبل ان يبدأ السباق المعرفي و هي السجن الذي ننشئ قضبانه حولنا مبتسمين زهوا
هذا لأنها اتتنا على حين غرة من دون سابق انذار او تقييم او حتى لم يكن لنا رأي باختيارها فقد اخذنا اسمها" الحرية" و اصبحنا حسب ما رسم لنا احرار و حسب ما يراه غيرنا منها و تبلدت العقول و تجمدت الاوصال و شلّ التفكير فكل ما هو خارج ما ينبغي ان يكون لهذا المصطلح حسب اصحابه هو ليس حرا و عدونا و عدوه سواء و لم نتنبه انها لم تكن الحرية مطلقة العنان لأنها لن تكون و لا يجب ان تكون فلو امعنت النظر بمن حاول التشدق بها يستهجن عليك ارتباطك بقانون غيرها و هكذا اصبح و من هو ضده و ان كانا على طرفي نقيض كما يبدو الا انهما على نفس الصعيد من الارتباط بالقوانين التي يختارها الانسان لنفسه بطبيعته او رغما عنه...... اما من هو على صواب او خطأ فهو على شرط الاختبار بالاثبات بالادلة و البراهين و لن يقدر على ذلك لأننا لا نفكر بالاساس بل بالفرع و عند نقطة ما في سيفشل في اثبات صدق ايمانه بمبدأه
ربما تكون حرا في تصرفاتك المنبثقة منك و التي تعود ردودها عليك خيرا كانت او شرا لكن لا تكون حرا في اختيار القانون الذي يفرض عليك ... في اقتصادك و سياستك الخارجية و حروبك و تعامل بلادك مع الدول الاخرى بل لا تستشار و لا يجب ان تكون لأنك في نهاية الامر مواطن لا تفقه اكثر من غرائزك و حاجاتك اما في تدبير الدول فالامر لا يعود لك بل لأولي الامر الذين يحكموننا بهذه القوانين و يختارون الخيارات المصيرية بدلا عنا في أي بلاد كنا طبعا .. فهل هذه الحرية.. ان لا تتجاوز حريتك التي تظنها نفسك انت و شخصك انت ... فبماذا تتشدق؟
 

0 comments so far.

Something to say?