نظريا و عمليا

By انا مش حرة

لن اتحدث اليوم عن رغبتي بالانتحار بل عن ما يتعلق بها و بي.. لن اذكر شيئا يدفعني اليه او يصدني عنه بل سأحاول ان اكون صادقة حول فكرتي عن الانتحار
بداية.. اعتقد جازمة ان الله سيتفهم انني مللت و انني دون اهل الارض اعطيت هذه الرخصة لاختيار الموت و سأشرح له مقصدي و يسامحني.. فهو خلقني منذ البدء لأصل الى نهاية هذه الطريق
ابدأ بأن ابكي بحنق و غزارة و غضب و بصوت عالي وحيدة اتعلق بأي شيء حولي حتى لا اقع ثم اسقط الى اسفل.. ذلك الاسفل الجديد و المتجدد و العميق و الذي يبهرني كل مرة و من ثم اخاف و يبتزني اتفه الاسباب لأذرف مزيدا من الدموع.. التكسي الذي لا اوفق بأن اجده او الخاتم الذي احتاجه الا انه يغيب عن ناظري الان و استفسار احدهم ببلاهة استنكارية_ليش زعلانة.. احسن من غيرك_ و انتظار تكلم احدهم حتى يضيع الوقت فلا يتكلم و هكذا يصبح اي شيء لألعن كل شيء
ثم للعلم لا يخطر بالبال ان احدا ممكن ان يأخذ موضوع البكاء على محمل حمل ثقله.. كل شخص سيعمل بجد ان لا تقع عيونه علي حتى لا يتحمل وزر اجابتي الغاضبة الغامضة و الجافة كشوكة تقع في الحلق.. ثم تساؤل الاخرين الذي لا يقبل غير تفسير واحد _ انني مجنونة و هذا ما اظنه لأن لا احد قال رأيه لي من قبل_ و بالتالي حسب عدم المنهجية التي نحياها سيتحمل المسؤولية و من منا تربى على تحملها؟ لا احد
اذا سؤالي منذ البداية عن سبب حزني كان محض عبث
اعود الى نفسي
احاول ان تمر ساعات اليوم قبل ان انهار.. افكر بين شيئين رغما عني و اعرف بذلك انني لم اجن بعد.. بين ما لن يحدث ابدا بان ابكي علنا و اضطر ان استجوب و يتوقع مني اجوبة معينة في هذا المعتقل و اصبح الحدث في ذلك اليوم و يتحدث الجميع عني و تنقل صورة خاطئة تماما حولي و بالتالي تشويه اعلامي لن يصلحه شيء و يدعمه كما قلت سابقا عدم قدرة احد على سؤالي عن السبب صراحة او ان اهمل كقطعة اثاث قديمة و كما هي هويتي هنا ابقى قبيل موتي.. اثور جدا لأنني سأموت و هذه النهاية و قليل من التغيير قد يغير وجهة افكاري و هذا التغيير لا يحدث لذا تتدفق افكاري بسبب المنطق السابق الى انني سأنتحر و اركز على نفسي
انتظر ان يهدأ هذا المكان الذي نعيش فيه و المسمى بيت حسب القاموس.. ادس نفسي في فراشي و اغطي نفسي من الرأس حتى القدمين و اشرع بالبكاء.. افكر بقتل نفسي و اهيأ لها الاسباب و المسببات و اجمل الموضوع الى ابعد حد.. الحياة و جدواها و الجهد اللازم للوصول الى ما قد يسعدنا فيها ثم لا نصل و هكذا ثم تأتي مرحلة التنفيذ و بالرغم عني افكر بهذا التسلسل
ادوية.. استحضر صورتي محاطة بعلب ادوية.. افكر بدواء "ثمين" و اتراجع بعد ان احسب احتمالات انقاذي ..مرتفعة حسب الاحصائيات
قطع الشرايين.. الكثير من الوقت و الانتظار و الالم ربما الفشل عداك عن القذارة العشوائية التي قد ينتجها هذا الاسلوب
مسدس على صدغي.. الدماء تتناثر خلفي على حائط ما.. تعجبني هذه الصورة المسرحية.. فتاة ميته خلفها بقعة حمراء داكنة من دمائها على حائط ابيض.. الفكرة التالية تلقائية جدا
ماذا ترتدي هذه الفتاة التي هي انا.. اقكر بنفسي في ساعة سابقة من يوم التنفيذ.. اقص شعري قصة حديثة و الونه بطريقة لم اجرؤ عليها من قبل ...ارتدي ملابس داخلية جديدة من اجود نوعية, ثم ملابس خارجية جديدة و على الموضة و قد لا يعجبني ما لدي في الخزانة و لا اتردد في التعدي على مدخراتي المالية لأشتري ملابس جديدة و ثمينة لم ارتدها في حياتي كلها لأموت فيها .. انتظار الموت بعد هذا الوقت الطويل و من ثم وصوله.. لا بأس بالاحتفاء به و ما همي و النقود بعد- لا انسى التفاصيل الانثوية.. الاكسسوارات و الكريم و العطر ذو الرائحة النفاذة ثم اموت مطمئنة
يزعجني ان استمع الى امي و ابي و اخواتي يبكون و يصرخون و يثرثرون فوق جثتي.. اريد ان انتقل بهدوء.. لا احبذ ان اصبح رواية بين رجال الدفاع المدني.. البنت المنتحرة و اهلها المزعجين المجانين و الثرثارين و كأنهم لا يعرفون انهم السبب.. قاتلو القتيل و الماشين بجنازته.. لا احتمل ان يتدخلوا في قصة موتي ..
في المشفى.. اتخيل الاطباء ينفضون ايديهم من محاولة انقاذي.. في هذه المرحلة اتذكر انني يجب ان اكتب وصية حتى لا يتم تشريحي... لا اريد ان يتم تشريحي و تقطيعي بسكين ما و من ثم خياطتي.. هذا بشع و لا يناسب الخطة.. اريد ان ابقى قطعة واحدة عندما انتقل الى قبري بجلد ناعم املس احبه لا يخدشه الا اثار طلقة نارية في الصدغ
.. ثم يجب ان اكون محور حديث الاطباء ذلك اليوم بمدى اناقتي.. لم اكن محور حديث اي شخص اثناء حياتي و استحقه في موتي.. لا يهمني تساؤلاتهم حول جثتي عن سبب موت و عن الحرام و الحلال و الفتاوى التي سوف تصدر فوق رأسي لأنني لا استمع كما يظنون فأنا اعرف ماذا سيقولون و لا اريدهم ان يفعلوا.. موتي يجب ان يكون عني انا و انا فقط
و هكذا اموت
ثم اتراجع قليلا.. منزلنا ليس انيقا ابدا ربما سيتحدث رجال الدفاع المدني عن مدى شرشحة هذا البيت.. اراهم ينظرون حولهم بتعجب و دهشة.. سيفكرون لا بد.. من اي عصر هؤلاء المخلوقات
الصورة لا تكتمل بلا خلفية.. سأبحث عن خلفية اكثر اناقة ثم انتحر

بصدق هكذا يتم التراجع

 

0 comments so far.

Something to say?